بسرعتِها العقلُ يتيهُ و يفخَرُ
وفيها إلى أقصى البسيطةِ نعبُرُ
تطيرُ إلى أقصى البلادِ بساعاتٍ
وسيراً على الأقدامِ لا تكفي أشهُرُ
سكونٌ وصمتٌ جوفُها غير أنَّها
تطيرُ كما البرقُ و كالرعدِ تهدُرُ
إذا حلَّقت تلقى الغيومَ عميقةً
و لستَ بغيرِ التيهِ والفخرِ تشعرُ
وتطوي أقاصي الأرضِ طيّاً كأنَّها
بساطٌ به الأرضُ تطولُ و تقصُرُ
تراها على الأرضِ كتلٍّ مجنَّحٍ
وفي الجوِّ كالطيرِ و ربَّما أصغرُ
بأحدثِ آلاتٍ تراها تزوَّدت
فصانعُها علمٌ و عقلٌ مفكِّرُ
لكلِّ جهازٍ فيها دورٌ محدَّدٌ
وفي وُسعِها التحليقُ ساعةَ تُؤمَرُ
أُعِدَّت لهذي الطائراتِ مهابطٌ
تحطُّ عليها ثمَّ إيَّاها تهجرُ
و كلُّ مطارٍ فيه برجٌ ينظِّمُ
هبوطَ و إقلاعَ جبالٍ تزمجرُ
لقد قُسِّمت تلك السماءُ مسالكاً
تجيءُ عليها الطائراتُ و تُدبِرُ
لعلَّنا يوماً قد نجوبُ الكواكبَ
وأطرافَ هذا الكونِ علَّنا نبصرُ
فلا شيءَ محجوبٌ عن العقلِ ما دامت
تجولُ به الأفكارُ دوماً و تخطرُ
و لا يقنعُ العقلُ بأيِّ نتائجٍ
فتلقاه لا ينفكُّ فيها يطوِّرُ
كشوفٌ و أبحاثٌ بغيرِ توقُّفٍ
و نورٌ و آفاقٌ تلوحُ و تظهرُ
فأصبح للعلمِ فروعٌ عديدةٌ
وفي كلِّ فرعٍ يستفيضُ و يبحرُ
تطوَّرت الآلاتُ حتى كأنَّها
تنوبُ عن الإنسانِ فيما يقرِّرُ
فهل يأتي يومٌ تغدو فيه ذكيةً
إلى حدِّ أن تكشفَ ما المرءُ يُضمِرُ؟
دريد رزق
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق